في الحالة الأولى عنه في الحالة الثانية, فإذا كان الغلب قد كتب لإحداهما نراها تسيغ كل ما تأخذه من الأخرى مهما كبرت كميته، فيستحيل إلى عناصر من نوع عناصرها، بدون أن تدع له مجالًا للتأثير في بنيتها أو تغيير تكوينها الأصلي، على حين أن المغلوبة لا تقوى على مقاومة ما تقذفها به الغالبة من مفردات وقواعد وأساليب, ولا تكاد تسيغ ما تتجرعه منها، فيتخمها ويضعف بنيتها، فتخور قواها وتفنى أنسجتها الأصلية شيئًا فشيئًا حتى تزول؛ كما كان شأن الإنجليزية الغالبة مع النورماندية المغلوبة. وإذا كان البقاء قد كتب لكلتيهما تعمد كل منهما إلى ما تأخذه من الأخرى فتسيغه وتفيض عليه من حيويتها, وتقاوم آثاره الهدامة، فتبقى كل منهما متميزة الشخصية, موفورة القوى, سليمة البناء؛ كما كان شأن الفارسية مع العربية.