للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلتية لغة محادثة بين عامة الإيرلنديين في العصر الحاضر، مع أن تغلب الإنجليزية قد بدأ في هذه البلاد منذ أواخر القرن الحادي عشر الميلادي, وقد أخذت لغة قريش تطغى على اللغات المضرية الأخرى منذ العصر الجاهلي، ومع ذلك ظلت آثار هذه اللغات واضحة في كثير من المواطن إلى أواخر العصر العباسي.

وغنيٌّ عن البيان أن انتصارًا لا يتم إلّا بعد أمد طويل, لا يخرج المنتصر من معاركه على الحالة التي كان عليها من قبل؛ فاللغة التي يتم لها الغلب لا تخرج سليمة من هذا الصراع، بل إن طول احتكاكها باللغة الأخرى يجعلها تتأثر بها في بعض مظاهرها وبخاصة في مفرداتها, كما سبقت الإشارة إلى ذلك في العامل الأول١.

غير أن تجرد العامل الذي نحن بصدد الكلام عنه من عنف النزاع وشدة المقاومة، وحدوث نتائجه في صورة سليمة متدرجة بطيئة، كل ذلك يعمل على وقاية اللغة الغالبة, ويخفف من تأثرها باللغة المغلوبة.

والألفاظ الأصيلة للغة الغالبة ينالها بعض التحريف في ألسنة المحدثين من الناطقين بها "المغلوبين لغويًّا"، فتختلف بعض الاختلاف في أصواتها ودلالالتها وأساليب نطقها عن صورتها الأولى.

والكلمات الدخيلة التي تقتبسها اللغة الغالبة من اللغات المغلوبة ينالها كذلك بعض التحريف في حروفها ومعانيها وأساليب نطقها، فتبعد في جميع هذه النواحي عن شكلها القديم.

وتقطع اللغة المغلوبة في سبيل انقراضها المراحل نفسها التي أشرنا إليها في العامل الأول؛ فينفذ الانحلال أولًا إلى مفرداتها، ثم إلى أصواتها ومخارج حروفها, وأساليبها في نطق الكلمات؛ ويتم الإجهاز عليها بالقضاء على قواعدها٢.


١ انظر صفحة ٢٣٣ وتوابعها.
٢ انظر صفحتي ٢٣٦، ٢٣٧.

<<  <   >  >>