الثروة واستبدالها وتوزيعها واستهلاكها, ويشرح حقيقتها ونشأتها وتطورها, والأسس القائمة عليها, ووظائفها, والقوانين الخاضعة لها ... ويسمى "علم الاقتصاد السياسي"؛ ومنها ما يبحث في النظم الخلقية ويسمى "علم الأخلاق" ... وهلمَّ جرَّا.
وتمتاز هذه الطائفة الأخيرة، وهي طائفة العلوم الإجتماعية، عن بقية طوائف العلوم بشدة الصلة التي تربط فروعها بعضها ببعض؛ فبحوث علم الأخلاق تمت بصلة وثيقة إلى بحوث علم الأديان، وبحوث علم السياسة شديدة الارتباط ببحوث علمي الأخلاق والحقوق ... وهلم جرَّا. والسبب في هذا راجع إلى أن فروع هذه الطائفة متحدة في موضوعها الرئيسي, وهو الإنسان من حيث أنه عضو في مجتمع، وإلى أن النظم الاجتماعية التي تدرسها متداخل بعضها في بعض, ومتأثر بعضها ببعض, لدرجة تجعل تقسيمها إلى فروع ضربًا من الاصطلاح, ومجرد وسيلة لتسهيل الدراسة. وهذا ما حدا بأوجيست كونت "Auguste Comte" على أن يجمعها كلها تحت لواء علم واحد سماه علم الاجتماع أو "السوسيولوجيا" "Sociologie".
وعلى العكس من ذلك العلوم الطبيعية، فإن موضوعات كل فرعٍ منها متميزة تمام التمييز عن موضوعات ما عداه؛ فموضوعات الجيولوجيا مثلًا لا يمكن أن تلتبس بموضوعات علم الفلك؛ إذ أن الأول يدرس طبقات الأرض, على حين أن الثاني يبحث في أفلاك السماء.
الشعبة التي تنتمي إليها بحوث علم اللغة:
فإذا عرفت هذا ورجعت إلى ما قلناه في الفقرات السابقة عن بحوث علم اللغة وموضوعاتها وأغراضها وقوانينها، ظهر لك أن هذه البحوث من طائفة العلوم لا الفنون, وأنها من فصيلة العلوم الاجتماعية, أما أنها من طائفة العلوم؛ فذلك لأنها ترمي من وراء دراستها للظواهر