للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقرة١, فإن عدم مطابقته للنطق يجعل له بعض آثار ضارة, فهو يعرض الناس للخطأ في رسم الكلمات، ويجعل تعلم القراءة والكتابة لأهل اللغة من الأمور الشاقة المرهقة، ويطيل زمن المدرسة، فيسبب إسرافًا كبيرًا في الوقت والمجهود, وما يلاقيه أهل اللغة من صعوبات بهذا الصدد يلاقي أضعافه الأجانب الراغبون في تعلمها, ومن الواضح أن هذا يعوق انتشارها في الخارج، ويضيق سبل الانتفاع بآدابها وعلومها، فيصعب التفاهم بين الشعوب، وتضعف بينها حركة التبادل العلمي والثقافي, هذا إلى أن تمثيل الرسم لصور صوتية قديمة يعمل على رجع اللغة إلى الوراء, وردها إلى أشكالها العتيقة؛ فكثيرًا ما يتأثر الفرد في نطقه للكلمة بشكلها الكتابي، فلا يلفظها بالصورة التي انتهى إليها تطورها الصوتي، بل ينطق بها وفق رسمها، فتنحرف إلى الوضع الذي كانت عليه في العهود القديمة, وليس الأجانب وحدهم هم المعرضين لهذا الخطر، بل إنه كثيرًا ما يصيب أهل اللغة أنفسهم. وإليك مثلًا الحرف المشدد في اللغة الفرنسية في sAVAMMENT EVIDEMMENT إلخ، فقد كان ينطق به وفق رسمه في العصور الأولى لهذ اللغة، ثم انقرضت هذه الطريقة منهذ عهد بعيد, وأخذ الفرنسيون ينطقون به مخففًا، كما ينطقون بحرف واحد "Savaman evidaman", ولكن منذ عهد قريب أخذت عادة النطق به مشددًا تظهر في ألسنة كثير منهم تحت تأثير صورته الخطية, فمن جراء الرسم نكصت اللغة على عقبيها في هذه الناحية عدة قرون إلى الوراء٢.

ومن أجل ذلك كان العمل على إصلاح الرسم وتضييق مسافة الخلف بينه وبين النطق موضع عناية كثير من الأمم في مختلف العصور.


١ انظر صفحة ٢٦٩.
٢ ومن ذلك أيضًا الحروف الساكنة "غير اللينة" في آخر الكلمات، فقد حذفت في النطق الفرنسي في معظم المفردات منذ عهد بعيد، ولكن أخذ كثير من الفرنسيين في العصر الحاضر ينطقون بعضها تحت تأثير صورتها الخطية: "but" "نطقها الصحيح "bu" قد تحولت الآن في السنة كثير من الفرنسيين إلى bute. aout "نطقها الصحيح ou" قد تحولت الآن في ألسنة كثير من الفرنسيين إلى oute.

<<  <   >  >>