بها في التداول اللغوي, وتتناقلها الألسنة, تفلت من إرادة مخترعيها, وتخضع لنواميس التطور العامة المسيطرة على ظواهر الصوت والدلالة؛ فاللفظ الموضوع أشبه شيء بحجر يقذف به القاذف من جهةٍ معينةٍ بقوةٍ خاصةٍ, فإنه بمجرد أن يفارق يده يخضع في سيره لقوانين ثابتة صارمة لا يد للقاذف ولا لغيره على تعطيلها أو وقف آثارها, ولذلك يختلف الآن النطق بالألفاظ الموضوعة, ويختلف رسمها باختلاف الأمم واللغات. والأسلوب الصوتي الذي كانت تلفظ به منذ قرن أو قرنين مثلًا, غير الأسلوب الصوتي الذي تلفظ به الآن. وقد أخذ كثير منها عند جميع الكتاب أو عند بعضهم ينحرف في دلالته نفسها عن المعنى الذي وضع له في الأصل.
ثالثًا: المؤلفات اللغوية:
وهي البحوث التي ترمي إلى حفظ اللغة، وضبطها، وسلامتها، وتخليدها، والوقوف على خواصها وتاريخها وآثارها ... وما إلى ذلك؛ فتشمل المعجمات ودوائر المعارف وكتب القواعد بمختلف أنواعها "النحو والصرف، الاشتقاق، الوضع، البيان، المعاني، البديع..إلخ" وأدب اللغة وتاريخه، ودراسة أصوات اللغة ومخارج حروفها, ودلالة كلماتها وحياتها, والأدوار التي سارت فيها من مختلف نواحيها.. وهلم جرا.
فلا يخفى ما لهذه الجهود من أثر جليل في حياة لغة الكتابة، وحفظها من التحريف وتهذيبها ونههضتها ونقلها من السلف إلى الخلف.
رابعًا: نشاط التأليف والترجمة في الأداب والعلوم والفنون والصحافة وما إلى ذلك
فمن الواضح أنه لا حياة للغة الكتابة بدون استخدامها في هذه الشئون, وأنه بمقدار نشاط أهلها في هذه الميادين تتاح لها وسائل الانتشار والرقيّ والنهوض.