للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهن, زكي، بزر، رزالة ... إلخ، بدلًا من: ذنب، ذهن، ذكي، بذر، رذالة ... إلخ". والظاء قد تحولت إلى ضاد في معظم الكلمات؛ فيقال: ضلام، ضفر، ضل، ضهر..إلخ" بدلًا من: ظلام، ظفر، ظل، ظهر..إلخ"، وإلى زاي مفخمة في بعض الكلمات, كما ينطق في عامية المصريين بكلمات، ظالم، ظريف، أظن، حظ..إلخ"١ والقاف تحولت إلى همزة في بعض اللهجات العربية؛ فيقال: أط، ألت، أبل، عأد، نطأ ... إلخ، بدلًا من: قط، قلت، قبل، عقد، نطق..إلخ"، وإلى جاف "جيم غير معطشة" في معظم اللهجات العامية بمصر وغيرها من البلاد العربية؛ فيقال: جط, جلت، جبل، عجد، نطج ... إلخ، بدلًا من: قط، قلت، قبل، عقد، نطق ... إلخ"٢.

ومثل هذا حدث في كثير من اللغات الأوروبية, فمن ذلك ما لوحظ بصدد تطور الراء الفرنسية في منطقة باريس وما إليها, فقد كان ينطق بها قديمًا في صورة مرققة، ثم أخذت تنحرف عن مخرجها تبعًا لتطور أعضاء النطق واستعدادها, حتى قربت من آخر الحلق، فتحولت إلى صوت بين الراء والغين، وأصبح صوتها القديم ثقيلًا على الألسنة, يتطلب لفظه من أهل هذه المناطق مجهودًا إراديًّا وقيادة مقصودة لحركات المخارج.


١ لا يزال ينطق بأصوات الثاء والذال والظاء نطقًا صحيحًا في عامية العراق وليبيا, وخاصة في برقة, وفي تونس والجزائر والمغرب, وفي القبائل العربية النازحة إلى مصر من المغرب "الفوايد, الرماح, البراعصة، أولاد علي، الضعفاء، سمالوس..إلخ".
٢ لا يزال صوت القاف محتفظًا بنطقه الصحيح في كثير من الكلمات في عامية العراق والجزائر وتونس وبعض بلاد سوريا وعامية رشيد وبعض مناطق اليمن, وكان مستعملًا منذ عهد غير بعيد في بعض مناطق بني سويف. وقد سمعت أنا نفسي بعض شيوخ أسرتي "ببلدة الحمام محافظة بني سويف" يتكلمون بالقاف، ولا يزال العامة في هذه المناطق يتكلمون بالقاف، حينما يروون عبارة منسوبة إلى أجدادهم في الأقاصيص الشعبية وما إليها، وهذا يدل على أن صوت القاف لم ينقرض لديهم إلّا منذ أمد قريب "انظر تحقيقًا لابن خلدون في موضوع القاف والجاف في صفحتي ١٣٩٣، ١٢٩٤ من الطبعة الثانية للجزء الرابع من مقدمة ابن خلدون، تحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي".

<<  <   >  >>