نظرها إلى الظواهر التي تعالجها, وفي الأغراض العامة التي ترمي إليها من وراء دراستها, وقد كان لزامًا، وهي متفقة في هذه الأمور، أن تتحد فيها بعض مناهج البحث, ولذلك كان من بين مناهج البحث بعض طرق تستخدم في مختلف فروع العلوم, ويطلقون على هذه الطرق اسم "الطرق العامة", أو "مناهج البحث المشتركة".
ولكن لكل فرع منها موضوعات معينة, وأغراضًا يمتاز بها عما عداه من الفروع, وقد نجم عن هذا أن استخدم كل علم منها في دراسته -زيادة على الطرق العامة التي سبق ذكرها- طرقًا خاصةً به تتفق مع طبيعة موضوعاته, وتدعو إليها مميزات ظواهره, وما يرمى إليه من أغراض خاصة به.
ولكل شعبة من شعب العلم الواحد مسائل متميزة تختلف في بعض خواصها ومظاهرها عن مسائل الشعب الأخرى, ولذلك نرى أن العلم الواحد قد يستخدم في دراسته لموضوع من موضوعاته طرقًا لا يستخدمها، ولا ينبغي استخدامها، في موضوع آخر من العلم نفسه.
وعلى هذا السَّنَنِ سار علم اللغة في دراساته: فاستخدم طرقًا عامة يشترك فيها مع غيره من البحوث العلمية، واستخدم كذلك طرقًا خاصة به تقتضيها طبيعة الظواهر التي يعرض لدراستها ولا تتلاءم مع غيرها، وامتازت كل شعبة من شعبه عما عداها ببعض طرق دراسية تواتي طبيعة مسائلها, وتحقق أغراضها من أقرب سبيل.
وسنعرض بإيجاز فيما يلي لأهم هذه الطرق, معلقين على كلٍّ منها بما يوضح نوعها ونواحي استخدامها, ويبين منشأها وما بها من محاسن وعيوب.
الطريقة الأولى: طريقة الملاحظة المباشرة:
أي: التي لا يلتجأ فيها إلى التجارب, ولا تستخدم فيها الأجهزة،