بل يقتصر فيها على ملاحظة الظواهر اللغوية في حالاتها العادية، ولا يستعين فيها الباحث بغير حواسه وقواه العقلية.
وفي هذه الطريقة يشترك علم اللغة مع عدد كبير من العلوم الأخرى, وبخاصة العلوم الطبيعية, وهي أقدم طريقة استخدمها الباحثون في علم اللغة، ولا تزال إلى الآن من أهم طرقهم، وإليها يرجع الفضل في معظم ما وصلوا إليه. فعلى ضوء الملاظة استطاعوا أن يقسموا الظواهر اللغوية إلى أقسام متميزة, ويرجعوها إلى طوائف محددة, ويردوا الفروع إلى أصولها، فنظمت بذلك موضوعات العلم, ونسقت فروعه, وسهلت دارسته. وبفضل هذه الطريقة كذلك كشف العلماء عن كثير من الحقائق المتصلة بنشأة اللغة وحياتها وتطورها ووظائفها, والعلاقات التي تربط ظواهرها بعضها ببعض, والتي تربطها بما عداها, والقوانين الخاضعة لها في مختلف نواحيها.
وتنقسم الملاحظة أقسامًا كثيرة باعتبارات مختلفة:
فتنقسم باعبتار نوع الظواهر اللغوية التي تعالجها إلى قسمين: ملاحظة صوتية Phonetique, وهي ملاحظة الظواهر اللغوية المتعلقة بالصوت، وملاحظة دلالية semantique, وهي ملاحظة الظواهر اللغوية المتعلقة بالدلالة.
وتنقسم باعتبار نوع اللغات التي يتناولها البحث إلى قسمين: ملاحظة اللغات الحية، وملاحظة اللغات الميتة، أما ملاحظة اللغات الحية فسبيلها واضحة، وأما ملاحظة اللغات الميتة فتتحقق بالرجوع إلى ما وصل إلينا عنها في المؤلفات والوثائق والآثار ... وما إلى ذلك, وملاحظة اللغات الميتة كبيرة الأهمية في الدراسات اللغوية على العموم, وفي دراسة نشأة اللغات وتطورها على الخصوص؛ فلو اقتصر علماء اللغة على ملاحظة اللغات الحية لما وصلوا إلى شيء يعتدّ به بصدد التطور اللغوي، ولتعرضت بحوثهم وآراؤهم بهذا الصدد للزلل والاضطراب، وما كان يتاح لعلمهم في هذا الأمد القصير أن يصل إلى