للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في موطنها, وأول من عمل على تدوين معجم شامل من هذا القبيل هو الخليل بن أحمد؛ فقد وضع كتابه "العين"، ورتب كلماته حسب ترتيبها في مخارج أول حروفها, متبدئًا بأقصى الحلق -ولذلك بدأه بحرف العين الذي سمي الكتاب باسمه- ومنتهيًا بالشفتين, غير أنه يظهر أن المنون قد عاجلته قبل إتمامه، فأكمله جماعة بعد وفاته بأكثر من نصف قرن, وظهر بعد ذلك معجم "الجمهرة" لابن دريد، وقد جمع مواده من كتاب العين ومن كتب أخرى للأصمعي وأبي عبيدة وغيرهما، ورتَّبَ مفرداته حسب ترتيب حروف الهجاء من الهمزة إلى الياء, وألَّف الأزهريّ أبو منصور محمد بن أحمد معجمه "التهذيب", على ترتيب الخليل لكتابه العين في عشر مجلدات, وألف الصاحب بن عباد معجمه "المحيط" في سبعة مجلدات، وأحمد بن فارس "المجمل"، والجوهري "الصحاح" الذي جمع فيه أربعين ألف مادة، والفيروزابادي "القاموس المحيط", والزمخشري "أساس البلاغة"، والصغاني "تكملة الصحاح" و"العباب", ثم جمعها في كتاب واحد سماه "مجمع البحرين", وابن منظور المصري "لسان العرب" الذي ضمنه معظم ما كتب قبله في هذا الباب، والمقري "المصباح المنير"، والرازي "مختار الصحاح" الذي اختصر فيه صحاح الجوهري ... وغير ذلك كثير١.

وهذا النوع من المعجمات قليل الفائدة للباحث في علم اللغة, وذلك أن مؤلفيها قد وجهوا كل عنايتهم إلى ذكر معاني الكلمات, والاستشهاد أحيانًا بالقرآن والحديث والمأثور من كلام العرب, ولكنهم أغفلوا إغفالًا تامًّا تعقب معاني كل كلمة في مراحل حياتها، وشرح تطورها في مختلف العصور، وبيان الأصول التي انحدرت منها،.. وما إلى ذلك من مسائل "الليكسيولوجيا" والإيتيمولوجيا"٢


١ انظر تفصيل الكلام في هذا النوع من المعجمات بكتابنا "فقه اللغة" الطبعة السابعة صفحات ٢٨٢-٢٩٤.
٢ انظر صفحة ٨, رقم أ, وصفحة ١١, رقم٥.

<<  <   >  >>