أجزاء العبارة بعضها ببعض وترتيب عناصرها، وأنها في مجموعها تكاد تكون متحدة عند جميع الشعوب التي تستخدمها، فهي من هذه الناحية أشبه شيء بلغة دولية، وأنه يمكن أحيانًا التعبير بها عن حقائق دقيقة؛ كعظات وضرب أمثال وقص حكايات، وأنها في جملتها ومعظم تفاصيلها تشبه لغة الصم - البكم, فقد جمع الكولونيل مولري بين رجل أصم - أبكم, يقص عليهم بالإشارات قصة طويلة تتعلق بحادث سرقة، وعقب على هذه القضية بتعليقات من عنده، فلم يفتهم فهم أي حركة من حركاته، لاتحادها مع حركاتهم اللغوية.
وذهب العلامة ريبو إلى أنها قابلة للإصلاح والتهذيب، وأنه لو طال استخدام الشعوب الإنسانية لها لسارت في سبيل الارتقاء، ولأصابها كثير من أسباب التنقيح تحت تأثير الرقي العقلي، ومطالب الحي الاجتماعية، واتساع حاجات الإنسان، وأعمال المخترعين والعلماء ... وما إلى ذلك.
غير أنه مهما ينلها من التهذيب فلن تخلو من مثالبها الذاتية؛ فهي تستأثر باليد، فتحول دون القيام بأي عمل آخر في أثناء التعبير, ويتوقف إدراكها على النظر، فلا يمكن التعبير بها عن بعد ولا في الظلام, وهي قائمة على تقليد الأشياء المحسة، فلا تكاد تقوى على التعبير عن المعاني الكلية أو وصف المشاعر والوجدان. هذا إلى أنها عارية عن الدقة في كثير من مظاهرها, وأنها تقتضي إسرافًا كبيرًا في الوقت والمجهود.
٢- وأما التعبيرات الإرادية السمعية: فهي التي تصل إلى طريق حاسة السمع, وهي الأصوات المركبة ذات المقاطع التي تتألف منها الكلمات.
وهذا النوع هو الذي تنصرف إليه كلمة "اللغة" إذا أطلقت, وهو وحده الذي يهمنا في بحثنا, وإنما ذكرنا الأنواع الأخرى لاستيفاء