يسرنا أن نقدم هذا الكتاب "قواعد الجغرافيا العامة" لأبنائنا طلاب الصفوف الأولى بأقسام الجغرافيا بكليات البنات، وبشعب الجغرافيا والتاريخ بكليات التربية، وبمعاهد المعلمين والمعلمات العليا.
والجغرافيا بمفهومها الحديث هى العلم الذي يدرس البيئة والإنسان من حيث إن كلًّا منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به، وندرك من هذا التعريف أن الجغرافيا تجمع في طبيعتها وشكلها وموضوعها بين مركب العلوم التي تدرس البيئة، وتلك التي تدرس الإنسان، ثم تضيف إلى ذلك ميزة فريدة تتمثل في أنها تدرس التفاعل والتأثير المتبادل بين ضوابط البيئة الطبيعية والعوامل البشرية والإنسانية. فلعلم الجغرافيا جانبان: جانب طبيعي، وجانب بشري.
وتُعنى الجغرافيا الطبيعية بمختلف أفرعها بدراسة الظواهر الطبيعية التي لا دخل للإنسان في وجودها. فهي تدرس الأرض باعتبارها فردًا من أفراد الأسرة الشمسية، وتبحث في ظواهر غلافها الصخري والجوي.
وهي تلتزم بالفكر الجيولوجي الجغرافي الحديث، ومؤداه أن الأرض في تغير مستمر. فالجبال تنشأ وتشمخ في العلا، ثم تتآكل وتتحول إلى سهول ومنخفضات، وتتقدم البحار وتطغى على اليابسة، ثم تتقهقر وتنحسر عنه، وتستحيل الصخور الصلبة بفعل الضغط والحرارة إلى صهير يندفع خلال قشرة الأرض وينبثق إلى السطح في هيئة براكين. كما تتغير الأحياء الحيوانية والنباتية وتتبدل من فصيلة لأخرى، وقد بدأ هذا التغير والتطور منذ نشأة