تعد الدولة المكون الأساسي للنمط السياسي العالمي كما أنها تعد وحدة جغرافية سياسية ذات تركيب متعدد الملامح يجعلها ظاهرة فريدة بالنظر إلى مكوناتها الطبيعية التي تتمثل في مجالها الأرضي وفي العلاقات المترتبة على شغل الإنسان لهذا المجال الأرضي لتلك الدولة ذات الحدود السياسية الواضحة والعلاقات القائمة بين تلك الدولة والمناطق السياسية الأخرى في العالم.
ويمكن تقسيم الأسس الجغرافية المؤثرة والمحددة للتركيب السياسي للدولة إلى مجموعات رئيسية هي الأسس والمقومات الطبيعية ثم الأسس والعوامل الحضارية، ومن البديهي أن تختلف الدول فيما بينها في كل عنصر من هذه العناصر فبعضها عملاق المساحة والآخر قزمي في كليهما. كذلك فإن هناك دولا غنية في مواردها ومتقدمة في استغلال هذه الموارد وأخرى تعاني النقص في الموارد والاستغلال مما ينعكس على اقتصادها الوطني المتواضع ومستوى العيش المتدني لسكانها.
وينقسم سطح الأرض اليابس -باستثناء قارة انتاركتكا- إلى ما يزيد على ١٩٠ وحدة سياسية الغالبية العظمى منها مستقل ولكل من هذه الوحدات السياسية تركيب حكومي مركزي ويفصلها عن جيرانها حدود سياسية صارمة تمثل الإطار النهائي للإقليم الذي تمارس عليه الحكومة سيادتها وسيطرتها، وحتى يمكن فهم دور الأسس الجغرافية والتفاعل بينها في خلق ملامح شخصية الدولة فإنه ينبغي تناولها في ضوء العناصر الطبيعية والبشرية ومدى التفاعل بينها لخلق عناصر القوة أو الضعف في الدولة.