سبق الحديث عن الخصائص المناخية لمناخ البحر المتوسط الذي استطاع الإنسان فيه أن يستغل بيئته استغلالا جيدا سواء في فصل سقوط الأمطار حيث تعتمد الزراعة عليها أو في فصل الجفاف حيث تعتمد الزراعة على الري وإن كانت أمطار الشتاء تمثل عقبة في سبيل تنمية الإنتاج والتوسع فيه وذلك لتذبذبها من ناحية أو لصغر كميتها من ناحية أخرى فتبلغ الكمية الساقطة في لوس أنجلوس حوالي ١٥ بوصة سنويا وفي أثينا باليونان حوالي ١٥ بوصة وفي فلباريزو وشيلي حوالي ٢٠ بوصة، وفي المناطق المرتفعة تزداد الأمطار كما هي الحال في جبل أطلس في المغرب، ولا تعاني مناطق البحر المتوسط من وجود الصقيع، ولذا فإن فصل النمو يشمل السنة بأكملها مما يساعد على زراعة محاصيل متنوعة مثل القمح والشعير والفول وهي محاصيل شتوية مثل الفواكه والخضروات والكروم وغيرها من التي تعتمد على الري، وقد تربى الماشية مع الزراعة مما يعرف بالزراعة المختلطة.
ويعتبر القمح أهم الحاصلات الزراعية حيث تناسبه ظروف المناخ ولذا فإنه يشمل مساحة كبيرة من الأراضي المزروعة تصل إلى ٣٢% في إيطاليا واليونان، ٢٨.٤% في إسبانيا وتصل إلى ١٩%، ٢٥%، ٣٤% في المغرب وتونس والجزائر على الترتيب و٢٣% في سوريا وترتفع لتصل إلى ٥٢% في تركيا. وتبدو زراعته في نمطين مختلفين. ففي الأراضي المزروعة حديثا مثل جنوب وجنوب غرب استراليا تتميز الزراعة بأنها واسعة والملكيات كبيرة تستخدم الآلات على نطاق كبير وتتراوح مساحة مزرعة القمح بين ١٠٠٠ - ١٥٠٠ فدان وتستخدم دورة زراعية على النحو التالي: قمح في السنة الأولى ومحصول علف أخضر للأغنام في السنة الثانية، ثم تترك الأرض بورا في السنة الثالثة لإراحتها، وتتميز الكثافة السكانية في هذه الزراعة بانخفاضها