تعد جغرافية العمران فرعا هاما من فروع الجغرافيا البشرية؛ وذلك لأن مراكز العمل البشري هي انعكاس لعدة ظروف جغرافية متشابكة أسهمت في توزيع السكن والسكان، ويعالج هذا العلم أنماط العمران في البيئات المختلفة سواء كان عمرانا ريفيا أو حضريا، أو عمرانا يجمع في ثناياه بين هذين النمطين.
ورغم أن جغرافية العمران geography of settlements تنقسم إلى فرعين رئيسيين هما جغرافية السكن الريفي geography of rural settlements وجغرافية السكن الحضري -أو المدن- geography of urban settlements فإن دراسة الفرع الأول لم يحظ باهتمام الجغرافيين إلا حديثا جدا ومنذ ما يقرب من نصف قرن فقط -وبالتحديد في سنة ١٩٢٥- عندما قدم الباحث "ديمانجون demangeon" أول بحث عن جغرافية السكن الريفي: مفهومها ومنهجها، وذلك ضمن الأبحاث التي قدمت إلى المؤتمر الجغرافي الدولي الذي عقد في القاهرة في تلك السنة.
وكان العمران الريفي الفرنسي من الموضوعات التي جذبت اهتمام "ديمانجون" وقد كتب في هذا الموضوع عدة مقالات في مجلة "الحوليات الجغرافية" كما كتب عددا من الكتب فيه بين سنتي ١٩٢٠ - ١٩٣٩، واتخذ الرسم الداخلي للمساكن الريفية، ووظيفتها الزراعية عاملين أساسيين للتمييز بين منطقة وأخرى، واعتبر كثافة المساكن أو مدى انتشارها أمرا جوهريا، كذلك قام بإجراء استفتاء بشأن الموطن الريفي والمباني الزراعية وأساليب الزراعة ودور الأجانب في الفلاحة الفرنسية، وكذلك اهتم ديمانجون