بوجه خاص بدراسة المدن، وكانت دراسته لباريس التي نشرت سنة ١٩٣٣ دراسة جيدة اعتمدت عليها كثير من الأبحاث بعد ذلك. وتوالت بعد ذلك دراسات مستفيضة عن العمران الريفي خاصة في غرب أوروبا وذلك كمقدمة لفهم مشكلات البيئة الريفية ووضع أسس التخطيط الإقليمي لها.
وتتناول جغرافية السكن الريفي بعض الموضوعات المرتبطة بالقرى من حيث ثباتها أو تغيرها والمؤثرات الجغرافية في توزيع القرى وأشكال هذا التوزيع ثم تتناول بالتفصيل دراسة المسكن الريفي صفاته وخصائصه وارتباطه بظروف موضع القرية، وكذلك دراسة سكان الريف أنفسهم ومشكلاتهم وتوزيعهم وعلاقاتهم بالمراكز الحضرية الأخرى.
أما جغرافية المدن -وهي الشق الثاني من جغرافيا العمران- فقد جاء الاهتمام بها مبكرا عن الاهتمام بجغرافية السكن الريفي، علما بأن دراسة جغرافية المدن بمنهجها التقليدي ترجع إلى أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن وخاصة في بعض المقالات التي درست مواقع المدن ومواضعها، وخاصة في كتابات فردريك راتزل الجغرافي الألماني المشهور والذي يعد مؤسس الجغرافيا البشرية في العصر الحديث.
وقد أصبح العمران الحضري من أبرز سمات القرن العشرين وأضحت مشكلات النمو المدني من أكثر المشاكل إلحاحا في معظم دول العالم وما يرتبط بها من مشاكل الإسكان والغذاء والكهرباء والخدمات الأخرى.
وقد نشأت المراكز الحضرية "وهي مرادف للمدن" في بادئ الأمر في أماكن قليلة في الشرق الأوسط خلال العصر الحجري القديم الأعلى، فقد وجدت مدن في أراضي ما بين النهرين ومصر ترجع إلى منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد وانتشرت بعد لك إلى وادي السند وإلى الصين، أما أولى المدن التي أنشئت في العالم الجديد فهي مدينة المكسيك الحالية التي أنشأها السكان الأصليون من الهنود الحمر منذ ألفي سنة تقريبا.
ومنذ نهاية العصور الوسطى كانت المراكز العمرانية الحضرية قاصرة على أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا الوسطى، وقد تمخض التدخل