الأوروبي في العالم الجديد وفي سيبريا بعد عصر كولمبس عن إنشاء مدن جديدة في المناطق التي استعمرها الأوروبيون، ولكن نسبة سكان المدن ظلت ضئيلة بينما استحوز الريف على معظم السكان.
ولكن عملية التحضر "التمدين" URBANIZATION بدأت في التزايد تدريجيا في أعقاب الثورتين الصناعية والزراعية، وبدأت العملية أولا في إنجلترا قرابة نهاية القرن الثامن عشر وما إن جاءت سنة ١٩٠٠ حتى كانت نسبة السكان الإنجليز الذين يعيشون في المدن ٤/٥ مجموع السكان، ومنذ ذلك التاريخ ظلت هذه النسبة ثابتة تقريبا. وشهدت كثير من الدول الصناعية في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية تطورا مماثلا، فكانت نسبة سكان المدن مثلا في الولايات المتحدة الأمريكة أقل من ١٠% في سنة ١٨٠٠ ارتفعت إلى ٧٠% من جملة السكان سنة ١٩٦٠.
وانتشرت ظاهرة التحضر العمراني في العصر الحديث خارج أوروبا وأمريكا الشمالية، وتعد اليابان مثلا واضحا على ذلك حيث كانت نسبة سكان المدن بها حوالي ١٥% سنة ١٨٧٥ ارتفعت لتصل ٦٥% في الوقت الحاضر، أما البرازيل كدولة نامية فقد ارتفعت النسبة بها من ٣٠% سنة ١٩٤٠ إلى ٤٥% سنة ١٩٦٠، وفي مصر تزايدت هذه النسبة من ٢٤% في سنة ١٩٣٧ إلى ٣٨% سنة ١٩٦٠.
وعلى العموم فإن نسبة سكان المدن في العالم في الوقت الحاضر تتراوح بين ٢٥ - ٣٠% من جملة سكانه في الوقت الذي كانت فيه هذه النسبة منذ قرن مضى قرابة ٣% فقط ومعنى ذلك أن هذه النسبة قد تضاعفت حوالي عشر مرات خلال مائة عام.
وترتبط عملية النمو الحضري في العمران البشري بتزايد أعداد البشر أنفسهم -ذلك التزايد الذي نجم عن الزيادة الطبيعية للسكان- وكذلك الهجرة التي شهدتها قارات العالم الجديد وما أعقبها من استغلال لهذه القارات وتحول السكان إلى إنتاج الغذاء وتجارته بدلا من الاعتماد على الحرف المعاشية.