للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتشابه بين الأقاليم المختلفة في البيئات بعناصرها الطبيعية مثل أشكال السطح والتربة والمناخ والحياتين النباتية والحيوانية وموارد الثروة المعدنية كأساس وقاعدة لفهم العناصر الحضارية Cultural المترتبة عليه والمترابطة معه داخل إطار بيئي محدد وهذا التكامل في دراسة الجغرافيا البشرية يجعل منهجها يعتمد في فهمه وتحليله على العناصر الطبيعية للبيئة الجغرافية حتى يمكن إدراك بصماتها على نشاط البشر بمظاهره المتعددة.

وعلى ذلك فإن الجغرافي في دراسته البشرية يربط كثافة السكان مثلا في أقليم ما بعناصر البيئة الطبيعية لهذا الأقليم مثل التربة وموارد المياه وظاهرات المناخ وغيرها، ثم بعناصر أخرى مثل النظم الاقتصادية السائدة وطرق النقل، كذلك فإنه يلاحظ كيف نمت المدن وتطورت، وعلاقة هذا النمو بملامح البيئة المحلية والعامة وما يترتب على هذا النمو من استغلال للأرض وإنشاء صناعات جديدة ومد طرق للمواصلات تزيد من ربط المدينة بظهيرها وغير ذلك وهو في هذا كله يؤكد مبدأ الارتباط Correlation في الجغرافيا والذي يثمر في فهم العلاقات التأثيرية والتأثرية Cause - Effect بين الإنسان وبيئته وما ينتج عن ذلك من أوجه اتفاق أو اختلاف على مستوى الأقاليم ومكوناتها.

وتختلف الآراء في تعريف الجغرافيا البشرية بصورة لا تتناقض كثيرا مع بعضها البعض بل إنها تدور حول محور واحد هو الإنسان في بيئته، ولكن الاختلاف في الآراء ينبع من التباين في وجهات نظر الجغرافيين إلى الجغرافيا البشرية وفروعها كما يرتبط بنظرة المفكرين القدامى والمحدثين إلى مدى تأثر الإنسان بظروف بيئته الطبيعية وتأثيره فيها. فمنهم من يرى أن لتأثير البيئة على الإنسان تأثير حتمي أي أن الإنسان نتاج البيئة الطبيعية وغير قادر على التأثير فيها وإخضاعها لصالحه، ويقابل ذلك آراء أخرى تجمع على أن الإنسان في بيئته عامل جغرافي وأن تأثيره في هذه البيئة ممكن بما أوتي من قدرة على الابتكار وعلى تعديل ظروف البيئة لصالحه.

<<  <   >  >>