وقد حدا ذلك ببعض الباحثين إلى إعطاء أهمية عظمى في أثر المناخ في تطور الحضارة البشرية ومنهم السورث هنتنجتون Huntington الذي توصل إلى نتائج هامة يمكن تطبيقها على نواحي النشاط البشري -بعد أن أجرى دراساته بين العمال والطلبة في شرق الولايات المتحدة وكندا- وهذه النتائج هي:
١- أن الإنسان يصل إلى أقصى درجات النشاط الجسماني إذا كانت درجة الحرارة تتراوح بين ٦٠ - ٦٥ درجة فهرنهيت أي بين ١٥ - ١٨ مئوية ويصل إلى أقصى درجات النشاط الذهني إذا كانت درجة الحرارة خارج المساكن تصل إلى ٣٨ درجة ف ومع حدوث بعض الصقيع ليلا.
٢- أن المناخ الذي يسير على وتيرة واحدة يقلل من النشاط الجسماني كذلك التغيرات المفاجئة في المناخ.
٣- أن ارتفاع نسبة الرطوبة يزيد من النشاط البشري إذا ما كان المناخ باردا أما إذا كان المناخ حارا فهي تبعث على الكسل وانحطاط الجهد.
٤- أن الطقس الإعصاري يزيد من الرغبة في العمل والقدرة عليه على ألا تكون تغيرات الطقس فجائية.
وقد دلت دراسات هنتنجتون أن هناك أربع مناطق يتمثل فيها المناخ الأمثل من حيث النشاط البشري وهي: شمال شرق الولايات المتحدة والجزر البريطانية وغرب أوروبا وجزر اليابان والجزيرة الجنوبية لنيوزيلندا وكولومبيا البريطانية بكندا.
على أن دراسة المناخ والنشاط البشري والحضارة أساسه درجة تناسب المناخ للنشاط البشري فدراسة أثر المناخ في تطور الحضارة المصرية مثلا لا يجب أن يقارن بمناخ إنجلترا بل يجب دراسة درجة ملاءمة المناخ بمصر لسكانها من ناحية النشاط والصحة والقوة الاقتصادية وكذلك فإن التطور الحضاري مختلف في الماضي عما هو عليه في الوقت الحاضر حيث تكثر الإمكانيات التي تجعل الإنسان يقي نفسه شرور الطبيعة إلى حد كبير.