أما الجزر فإن لها سماتها المميزة كبيئة جغرافية منعزلة وساعدت هذه العزلة على بناء أشكال قديمة ومستوطنة من الحياة بها سجلها كثير من الباحثين من أشهرهم دارون مثلا في جزر جالا باجوس Galapagos وكذلك الحال في أنماط الحياة البشرية المميزة لشعوب الجزر بخاصة المكتشفة حديثا مثل سكان جزر كارولين الذين ما زال معظمهم يعيش في العصر الحجري ومن ناحية أخرى فإن الجزر تعد معزلا وملجأ للكثير من الجماعات المستضعفة ومن ثم فإنها تتحول إلى بوتقات بشرية تجمع خليطا من الشعوب التي تتجمع لتكون مجتمعات صغيرة متحدة ومن أبرز الأمثلة على ذلك جزيرة تريستان دا كونها Tristan da Cunha الصغيرة في جنوب الأطلنطي التي استطاع ٢٠٠ من سكانها أن ينجحوا في خلق مظهر من الأحوال المحلية التي سرعان ما استوعبت القادمين الجدد إليها، وكذلك كانت فورموزه ملجأ لأسرة المنج Maing الحاكمة أثناء الاضطرابات السياسية في القرن السابع عشر وقبل أن تصبح حصنا للقومية الصينية في مواجهة الشيوعية كذلك كانت سيلان ملجأ للبوذيين المطرودين من الهند.
وتساعد الجزر على تهيئة ظروف الاستقرار البشري الذي يحميه البحر آنذاك مما يساعد سكانها على استغلال مواردها الطبيعية سواء على أرضها أو في بحرها المجاور وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.
أما البحر - الذي يحيط بكل قارات الأرض اليابسة ويخترقها بعمق في بعض أجزائها- فيكون بيئة طبيعية هو الآخر، وإن كانت بيئة قاسية من الصعب معايشتها. إلا أنه يسهم في خلق أشكال من الحياة به فهو يمثل مخزنا للغذاء -كما وصفه بعض الباحثين- استطاع الإنسان أن يستغله منذ أزمان سحيقة كما أنه كان طريقا ركبه الإنسان منذ مراحل حضارته المبكرة. فقد شهد بحر إيجة مثلا ملاحة ساحلية منذ فترة ترجع إلى الألف الثالثة قبل الميلاد كذلك فإن معرفة وانتشار الكثير من المخترعات خلال العصرين الحجري والبرونزي جاءت إلى سواحل البحر بادئة من سواحل إيجة واستمرت حتى وصلت إلى بريطانيا. وفي المحيط بحر الشمال وكذلك في المياه المحيطية باليابان وعلى شطوط نيوفولاند توجد مناطق غنية بثروتها السمكية، التي تغذت عليها الشعوب على امتداد قرون عديدة. ونتيجة لذلك فقد أدى استغلال البحر إلى خلق مهن تعكس في الواقع الظروف الطبيعية في الأقاليم الساحلية.