أهم مظاهر الهجرة الداخلية وخاصة في الدول التي أخذت بأسباب التنمية الصناعية حديثا مما أثر في تقدمها الاقتصادي وارتفاع دخول أفرادها في القطاعات المرتبطة بالصناعة، ودفع بأعداد كثيرة من السكان الريفيين إلى الاتجاه نحو المراكز الحضرية والتي غالبا ما تكون مراكز رئيسية للصناعة.
وتكون الهجرة عاملا هاما من عوامل نمو المراكز الحضارية وتختلف درجة إسهامها في هذا النمو باختلاف العوامل الكامنة في تلك المراكز وقدرتها على جذب مهاجرين إليها ويقابل ذلك بطبيعة الحال وجود عوامل طرد في البيئات الأصلية للمهاجرين تحفزهم على الهجرة وتتفق معظم دول العالم النامي في تلك الظاهرة والتي تجلب في تدفق أعداد كبيرة من سكان الريف إلى المدن ارتفاعا يفوق متوسط معدل النمو في القطر كله، ولعل في مصر مثل واضح على ذلك حيث يبدو التفاوت الشديد في معدل الزيادة السكانية السنوية في المحافظات الحضرية والمحافظات الريفية فالأولى يصل معدل النمو السنوي بها إلى أكثر من ٣% "القاهرة ٤.٥%" والإسكندرية "٣.١%"، أما الثانية فهي أقل من ذلك حيث يتراوح هذا المعدل بها بين ١.٥% و ٢.٥% سنويا.
وكما سبق، فليست هذه الظاهرة في نمو المدن وقفا على مصر وحدها بل إنها عالمية وخاصة في الدول النامية، فالملاحظ أن االمناطق الريفية يزداد فيها ضغط السكان على الأرض الزراعية مما يدفع بالكثير من سكانها إلى التفكير في الهجرة وخاصة إذا كان هذا الضغط السكاني مرتبطا بانخفاض المستوى المعيشي وبديهي أن عوامل الطرد في أماكن المغادرة يقابلها عوامل جذب في أماكن الوفود وأبرز عوامل الجذب الحضري تزايد فرص العمالة وتوفر الخدمات المتعددة وتسهم وسائل المواصلات وخاصة السكك الحديدية في إيجاد تيارات هجرة على امتدادها.