أمر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُعرض عن الذين تخلفوا عن القتال في غزوة تبوك، ثم كاذبوا عندما رجع النبي إليهم, والآيات تبدأ بقوله تعالى:{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ}(سورة التوبة ٩٠) إلى أن قال ربّ العالمين للنبي - صلى الله عليه وسلم - {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}(سورة التوبة ٩٥) .
أعرض عنهم، حتى تحافظ على الجبهة الداخلية، واتركهم للمجتمع يؤذيهم بمعاملته لهم.
إلى هنا الإعراض عن المنافقين.
أما في سورة الحجر ٩٤ وهي متقدمة في النزول، لأنها مكية.
فجاء الإعراض عن المشركين {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} والمطلوب منه في الإعراض أن يُعرض عن بعض أحوالهم، لا أن يُعرض عن ذواتهم.
- كما قال صاحب التحرير والتوير حـ ١٤ صـ ٨٨ أعرض عن أحوالهم لا عن ذواتهم، أعرض عن إبائهم إعلان الدعوة - وكانت الدعوة سراً في دار الأرقم بن أبي الأرقم، حتى نزلت هذه الآيات.
وأعرض عن إيذائهم لك بالاستهزاء، وإيذاء المسلمين بالتعذيب، وواضح أنه لا يريد الإعراض عن دعوتهم لصريح قوله تعالى:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} .
وفي سورة النجم آية ٢٩ {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُعرض عن طراز من الناس انحصر علمهم وعملهم ونشاطهم وفكرهم في الدنيا. وفي الدنيا فقط.