وجدت في قراءتي كلاماً موجزاً وقيماً للأستاذ العبقري مالك بن نبي - والذي أود أن يعرف شبابنا عنه الكثير، فهو من المفكرين القلائل.
قال في مقام مقارنته بين النبوة الصادقة وبين أدعياء النبوة:
"إن النبوة الحق تتميز بأمور ثلاثة.
أولاً: صفة القهر النفسي الذي يُقَصَّى جميع العوامل الأخرى للذات بإلزام النبي - أي نبي - في النهاية بسلوك معين ودائم.
"فالنبوة سلوك قهري".
ثانياً: حكم فذّ على أحداث المستقبل، يمليه نوع من القهر، الذي ليس له أي أساس من المنطق - يعني ليس نتائج تتولدّ من مقدمات منطقية -.
ثالثاً: استمرار مظاهر السلوك النبوي، وتماثلها الظاهر والخفي عند جميع الأنبياء. هذه الصفات المميزة لا يمكن أن تلقى ببساطة تفسيراً نفسياً إلا تحكم النبوة في عقل وسلوك النبي. فتصبح النبوة كل شيء في النبي - أي نبي - عليهم السلام - انتهى ومعلوم من كلامه أن النبي يتصرف تصرفا قهريا في السلوك، وفي تفسير المستقبل تفسيراً لا يمكن أن يكون النبي قد استنتجه من مقدمات منطقية. , أي مقدمات منطقية تؤكد أن جيش الروم الذي لم يعلم النبي عنه أي شيء سينتصر يوم ينتصر جيش الإسلام في موقعة بدر. {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ} .
"الظاهرة القرآنية. مالك بن نبي".
فمالك بن نبي جعل التصرف السلوكي للنبي تصرفا قهريا.
وإن كان لي موقف من هذا الرأي ناقشته عام ١٩٧٦ م في كتابي
"حتى لا نخطئ فهم القرآن/ الجزء الثالث"
والذي أرتاحُ له أن السلوك القهري للنبي - أي نبي ربما يقلل من دور الأسوة بهذا النبي - ويصرف المادحين لسلوكه عن حلبة الثناء، ما دام السلوك قهرياً، وما دامت