{قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا} (١٠ سورة الطلاق)
وكلمة "رسولاً" تُعرب بدلاًَ أو عطف بيان من ذكر.
ومعلوم أن البدل والمبدل منه شيء واحد. أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا- أي قرآنا. "هَذَا ذِكْرٌ" أنزلنا إليكم رسولاً.
لقد امتزج الوحي بالرسول. وهذه مرحلة من مراحل السُّلَّم الأخلاقي، وهي قمة المراحل.
ولا عجب فقد امتزج الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالملائكية ليلة الإسراء، فرأى من غير إراءة، في المرحلة الثانية. ثم صعد مقام ما فوق الملائكيّة في المرحلة الثالثة، وذلك عندما وصل إلى سدرة المنتهى، فوقف جبريل، وقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - تقدم.
فقال النبي: أهنا تفارقني؟
قال جبريل: لا أستطيع أن أتقدم من مكاني.
{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}(١٦٤ سورة الصافات)
فالنبي الذي انتقل من مرحلة بشرية إلى مرحلة ملائكية ليلة الإسراء،
انتقل من مرحلة إلى مرحلة في مقام الأخلاق.
ترقّى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح ذكراً "قرآنا" يمشي بين الناس.
وحاول الإمام الزمخشري أن يخرج من هذا التصور فقال:
إن المراد (برسول) هو جبريل.
وللإمام الزمخشري رأيه. ولكن أوَّل سورة إبراهيم تبين أنَّ الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}