للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال المرعشي في موضع آخر: «اعلم أن علم القراءة يخالف علم التجويد لأن المقصود من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها، مثلا يعرف في علم التجويد أن حقيقة التفخيم كذا وحقيقة الترقيق كذا، وفي القراءة يعرف فخّمها فلان ورققها فلان» (١).

وكان مكي بن أبي طالب (ت ٤٣٧ هـ) قد ألمح في أكثر من موضع من كتابه (الرعاية لتجويد القراءة) إلى هذا المعنى، فقال: «ولست أذكر في هذا الكتاب إلا ما لا اختلاف فيه بين أكثر القراء» (٢). وقال: «فليس هذا كتاب اختلاف، وإنما هو كتاب تجويد ألفاظ ووقوف على حقائق الكلام، وإعطاء اللفظ حقه، ومعرفة أحكام الحروف التي ينشأ الكلام منها، مما لا اختلاف في أكثره» (٣).

وقال عن كتب القراءات: فتلك الكتب كتب تحفظ منها الرواية المختلف فيها، وهذا الكتاب يحكم فيه لفظ التلاوة التي لا خلاف فيها، فتلك كتب رواية، وهذا كتاب دراية ... » (٤).

وكان قد ظهر البحث في الأصوات اللغوية في العربية في الوقت الذي درس فيه العلماء قواعد اللغة العربية، ويتضمن كتاب سيبويه (أبي بشر عمرو بن عثمان ت ١٨٠ هـ) بابا كبيرا خصصه لدراسة الأصوات في العربية سماه باب الإدغام.

واقتفى مذهبه كثير من علماء العربية، وقد جعل أبو الفتح عثمان بن جني (ت ٣٩٢ هـ) مقدمة كتابه (سر صناعة الإعراب) خاصة بدراسة الأصوات اللغوية.

واعتنى علماء قراءة القرآن أيضا بدراسة اللغة العربية، وبحثوا في الظواهر الصوتية في قراءات القراء لكنهم لم يجعلوا لهذه المباحث كتبا خاصة بها حتى


(١) ترتيب العلوم ص ٦٤.
(٢) الرعاية ص ٤٢.
(٣) الرعاية ص ١٢٨.
(٤) الرعاية ص ٢٠٠.

<<  <   >  >>