للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاوس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير، وأمثالهم. وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، وعلماء أهل المدينة في التفسير، مثل زيد بن أسلم، الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذ عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وأخذه عن عبد الرحمن عبد الله بن وهب» (١).

ونميز من خلال هذا القول ثلاثة مراكز علمية ازدهر فيها التفسير في زمن التابعين، هي مكة، والمدينة، والكوفة، لكن أثر المفسرين الذين نشئوا في هذه المراكز لم يقتصر على المدن التي نشئوا فيها، وإنما امتد إلى الأمصار الأخرى، فلم يكن في تلك العصور حدود تمنع العلماء من التنقل في الأمصار الإسلامية، أو طلبة العلم من الرحلة

إلى العلماء في مكان إقامتهم.

أما مكة فقد نشأت فيها مدرسة للتفسير، أرسى ابن عباس أسسها، وشادها تلامذته من بعده. وأشهر تلامذته مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي (ت ١٠٤ هـ). قال عبد الله بن أبي مليكة: «رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله» (٢). ويروى عن مجاهد أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟ (٣).

وحاز مجاهد سمعة طيبة في مجال التفسير، فنجد خصيف بن عبد الرحمن (ت ١٣٧ هـ) يقول: «كان أعلمهم بالتفسير مجاهد» (٤). وكان سفيان الثوري (ت ١٦١ هـ) يقول: «إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به» (٥).


(١) مقدمة في التفسير ص ٦١، ومجموع الفتاوى (له) ١٣/ ٣٤٧.
(٢) الطبري: جامع البيان ١/ ٤٠.
(٣) السيوطي: الإتقان ٤/ ٢١٠، والداودي: طبقات المفسرين ٢/ ٣٠٦.
(٤) السيوطي: الإتقان ٤/ ٢١٠.
(٥) الطبري: جامع البيان ١/ ٤٠.

<<  <   >  >>