للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذه الآية: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ ... وقال: «فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّى الله فاحذروهم».

٢ - ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره، والحاكم في مستدركه، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: «وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون في العلم آمنا به»، وهذه القراءة، وإن كانت شاذة لعدم تواترها، ومخالفتها خط المصحف، أقل درجاتها أنها تفسير صحيح عن ابن عباس تدل على أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله.

٣ - ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متّبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله، وآمنوا بما أنزل الله: محكمه ومتشابهه، قائلين: كلّ من عند الله.

وبناء على رأي الجمهور في تفسير الآية تكون الواو في تفسير قوله:

وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ للاستئناف، ويكون ما بعدها جملة مستأنفة مكونة من مبتدأ وخبر، وتكون الواو على رأي غيرهم للعطف، وهو خلاف ما ذهب إليه جمهور أهل العلم (١). وينص علماء الوقف والابتداء على أن الوقف التام في الآية يكون عند لفظ (الله) المعظم من قوله: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ثم يستأنف القارئ بعد ذلك قراءته بقوله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ... (٢).

إن القرآن الكريم قد كشف الستر عن حجب الغيب فأطلع البشرية على أخبار اليوم الآخر والبعث والحساب والجنة والنار، وكشف عن بعض أسرار الكون وحقائقه بما يتناسب وقابلية البشر وإدراكهم، ورمز إلى أمور أخرى ليست من مدركات العقل البشري استأثر الله بعلمها وحجبها عنا في الحياة الدنيا، فالذين في قلوبهم زيغ وانحراف وضلال عن سواء الفطرة يتركون الأصول


(١) الطبري: جامع البيان ٣/ ١٨٢، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٦.
(٢) أبو بكر الأنباري: إيضاح الوقف والابتداء ٢/ ٥٦٥.

<<  <   >  >>