للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - وممن اعتنى بإعجاز القرآن أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني (ت ٤٧١ هـ)، وكتب في ذلك الرسالة الشافية التي ضمنها جملا من «القول في بيان عجز العرب حين تحدّوا إلى معارضة القرآن، وإذعانهم وعلمهم أن الذي سمعوه فائت للقوى البشرية، ومتجاوز للذي يتسع له ذرع المخلوقين ... » (١).

وهذه الرسالة كتبها عبد القاهر ليثبت حقيقة الإعجاز لا ليبين أسراره، أما تفصيل القول في أسرار الإعجاز فقد جاء كثير من ذلك في كتابه (دلائل الإعجاز).

وتتلخص فكرته في قوله: «فإذا بطل أن يكون الوصف الذي أعجزهم من القرآن في شيء مما عدّدناه، لم يبق إلا أن يكون في النظم، لأنه ليس من بعد ما أبطلناه أن يكون فيه إلا النظم والاستعارة، ولا يمكن أن تجعل الاستعارة الأصل في الإعجاز وأن يقصر عليها، لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الإعجاز في آي معدودة في مواضع من السور الطوال مخصوصة، وإذا امتنع ذلك فيها ثبت أن النظم مكانه الذي ينبغي أن يكون فيه ... وكنا قد قلنا أن ليس النظم شيئا غير توخّي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم» (٢).

٦ - وبحث القاضي عياض بن موسى (ت ٥٤٤ هـ) الإعجاز في كتابه (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) وحدّد وجوه الإعجاز الرئيسية في أربعة هي:

أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته، وبلاغته الخارقة عادة العرب.

والثاني: صورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب. وكلا هذين الوجهين يرجع إلى الناحية البيانية في القرآن (٣).

والثالث: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات، وما لم يكن ولم يقع، فوجد كما ورد، على الوجه الذي أخبر.


(١) الرسالة الشافية ص ١١٧.
(٢) دلائل الإعجاز ص ٣٩١.
(٣) أبو زهرة: المعجزة الكبرى ص ٨٧.

<<  <   >  >>