للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: إن إثبات دليل النبوة، وتصديق دليل الوحي، وأن القرآن من عند الله تعالى ليس من الإعجاز في شيء (١).

واتخذ الشيخ محمد أبو زهرة موقفا مقاربا لذلك، فقال بعد أن عرض وجوه الإعجاز التي ذكرها العلماء السابقون: «وعلى ذلك تنقسم وجوه الإعجاز التي اشتمل عليها القرآن إلى قسمين:

أولهما: ما يتعلق بالمنهاج البياني، وهذا النوع من الإعجاز أول من يخاطب به العرب.

القسم الثاني: الإعجاز بما اشتمل عليه من ذكر لأخبار السابقين، ولأخبار مستقبلة وقعت كما ذكر، واشتماله على علوم كونية وحقائق لم تكن معروفة في عصر محمد صلى الله عليه وسلم وقد أتى بها القرآن وتقررت حقائقها من بعد، وكذلك ما اشتمل عليه من شرائع أثبت الوجود الإنساني أنها أصلح من غيرها، وأنها وحدها العادلة، وأن هذا النوع معجزة للأجيال كلها» (٢).

وننتهي من هذا العرض إلى نتيجة ملخصها أن إعجاز القرآن في عصر النبوة الذي أعجز العرب هو في نظمه وبيانه، وأن ما أدركه العلماء بعد ذلك من وجوه أخرى جاء معززا للإعجاز ومؤكدا صدق النبوة، وأن هذا القرآن تنزيل من الرحمن الرحيم.

إن هذا التصور لمنهج دراسة الإعجاز لا يهمل التراث الكبير الذي خلفه العلماء السابقون في موضوع الإعجاز، لكنه يعيد تنظيمه على نحو أكثر تناسقا ووضوحا، في إطار واحد شامل، يضم ما كان أصلا سر الإعجاز، وما ظهر بعد


(١) راجع رقم (٧) من الفقرة (ثانيا) من هذا المبحث.
(٢) المعجزة الكبرى ص ٩٠ - ٩١.

<<  <   >  >>