للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت العرب: «نجّمت المال، إذا أدّيته نجوما ... وقد جعل فلان ماله على فلان نجوما معدودة يؤدي عند انقضاء كل شهر منها نجما، وقد نجّمها عليه تنجيما» (١). قال أبو شامة المقدسي: «فلما قطّع الله سبحانه القرآن وأنزله مفرقا قيل لتفاريقه نجوم» (٢).

وأثار المشركون مسألة نزول القرآن منجما في سلسلة معارضتهم الباطلة للنبي صلى الله عليه وسلم وتمنوا نزول القرآن جملة واحدة، على نحو ما حكى القرآن في قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) [الفرقان].

وللعلماء والمفسرين تحقيقات في الجهة التي ينزل منها جبريل عليه السّلام بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهذه قضية تستند أساسا إلى ما ورد عنها في القرآن الكريم، ويعتقد العلماء أن القرآن مثبت عند الله تعالى في أم الكتاب، في اللوح المحفوظ، مستندين في ذلك إلى قوله تعالى: حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) [الزخرف]، وقوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢) [البروج]. قال المفسرون: إن القرآن مثبت عند الله سبحانه في اللوح المحفوظ، وسمّي أمّ الكتاب لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب السماوية (٣). وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) [الواقعة] على اللوح المحفوظ، والمطهرون الملائكة (٤).


(١) ابن منظور: لسان العرب ١٦/ ٤٧ نجم.
(٢) المرشد الوجيز ص ١٨.
(٣) ينظر: الطبري: جامع البيان ٢٥/ ٤٨ و ٣٠/ ١٤٠، والنسفي: مدرك التنزيل ٤/ ١١٣، والبيضاوي: أنوار التنزيل ٢/ ٣٦٨.
(٤) ينظر: الطبري: جامع البيان ٢٧/ ٢٠٣.

<<  <   >  >>