للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعتقد كثير من العلماء والمفسرين أن القرآن أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وكان جبريل عليه السّلام ينزل بالقرآن بعد ذلك مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا في ذلك يستندون إلى تفسير عدد من الآيات الكريمة التي تتحدث عن إنزال القرآن الكريم، وهي قوله تعالى:

شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (١٨٥) [البقرة].

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ (٣) [الدخان].

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) [القدر].

وهذه الآيات الكريمة تتحدث عن وقت نزول القرآن، ولا تشير إلى الكيفية إلا إشارة عامة، كما أشارت آيات أخرى إلى هذا المعنى أيضا، لكن المفسرين ينقلون عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، أنه فسّر هذه الآيات بقوله:

«أنزل الله تعالى القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر، وهي الليلة المباركة، في شهر رمضان إلى السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل عليه السّلام مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة، حتى أتمّه (١).

ونقل المفسرون قولا آخر في تفسير هذه الآيات عن أحد كبار التابعين هو عامر بن شراحيل الشعبي (ت ١٠٣ هـ على خلاف) الذي قال: نزل أول القرآن في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة (٢). وقد قال ابن حجر: إن القول المعتمد الصحيح هو أن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم أنزل بعد ذلك مفرقا (٣).


(١) ينظر: الطبري: جامع البيان ٢/ ١٤٤ و ٢٥/ ١٠٧ و ٣٠/ ٢٥٨. وأبو شامة: المرشد الوجيز ص ١٧، والسيوطي: الإتقان ١/ ١١٦.
(٢) ينظر: الطبري: جامع البيان ٣٠/ ٢٥٨، والسيوطي: الإتقان ١/ ١١٨.
(٣) فتح الباري: ٩/ ٤.

<<  <   >  >>