للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥) [الإسراء]» فهذا بيان صريح لسبب النزول.

ومن الثاني قول مجاهد في الآيات التي في أول سورة البقرة: «أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين، وآيتان بعدها نزلت في الكافرين، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين، فهذا ليس بيانا لسبب النزول، وإنما هو توضيح للمعنى. فهو يريد أنها نزلت في نعت المؤمنين والكافرين والمنافقين (١).

ومن ذلك أيضا قول الواحدي في حديثه عن سورة الفيل: «نزلت في قصة أصحاب الفيل، وقصدهم تخريب الكعبة، وما فعل الله بهم من إهلاكهم وصرفهم عن البيت، وهي معروفة» (٢). فهذا ليس بيانا لسبب النزول، وقد علّق السيوطي على قول الواحدي هذا بقوله: «والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه، ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية» (٣).

وقد جمع العلماء الروايات المنقولة في أسباب النزول من كتب التفسير وكتب الحديث في مؤلفات مستقلة، وأول من صنّف في هذا الموضوع علي بن عبد الله بن المديني المتوفى سنة ٢٣٤ هـ، وأشهرها كتاب (أسباب نزول القرآن) لعلي بن أحمد الواحدي المتوفى سنة ٤٦٨ هـ، وأجمعها كتاب (لباب النقول في أسباب النزول) لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ (٤).


(١) ينظر: سفيان الثوري: تفسير القرآن العظيم ص ١.
(٢) أسباب نزول القرآن ص ١٩.
(٣) الاتقان ١/ ٩٠، ولباب النقول ص ١٤.
(٤) ينظر: السيوطي: الاتقان ١/ ٨٢.

<<  <   >  >>