للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول السعدي: «ثم قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ﴾ وهذا أدب مع الرسول في خطابه. أي: لا يرفع المخاطب له صوته معه فوق صوته، ولا يجهر له بالقول، بل يغض الصوت، ويخاطبه بأدب ولين وتعظيم وتكريم وإجلال وإعظام، ولا يكون الرسول كأحدهم، بل يميزونه في خطابهم كما تميز عن غيره في وجوب حقه على الأمة، ووجوب الإيمان به، والحب له الذي لا يتم الإيمان إلا به، فإن في عدم القيام بذلك محذورا، خشية أن يحبط عمل العبد، وهو لا يشعر، كما أن الأدب معه من أسباب حصول الثواب، وقبول الأعمال (١).

[المطلب الثالث: معنى رفع الصوت والجهر له لغة، وفي أقوال المفسرين]

[أولا: لغة]

الصوت: جنس لكل ما وقر في أذن السامع، وجمعه أصوات، يقال: صات يصوت صوتا، وأصات وصوت به إذا ناداه (٢).

قال الراغب في قوله: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ خصص الصوت بالنهي، لكونه أعم من النطق والكلام. ويجوز أنه خصه لأن المكروه رفع الصوت فوق صوته، لا رفع الكلام (٣).

الجهر بالصوت: هو رفعه وإعلانه، يقال: جهرت بالقول أجهر به، إذا أعلنته، ورجل جهير الصوت: أي عالي الصوت. وكذلك رجل جَهْوَري


(١) انظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (٥/ ٦٨).
(٢) انظر: معجم مقاييس اللغة (٣/ ٣١٨)، ولسان العرب (٢/ ٧٢)، مادة: "صوت".
(٣) انظر: المفردات في غريب القرآن ص (٢٨٨)، ونقله عنه الفيروزابادي في بصائر ذوي التمييز (٣/ ٤٥٠).

<<  <   >  >>