للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: التفسير الإجمالي للآية]

يخبر الله في قوله: ﴿يمنون عليك أن أسلموا﴾ عن بني أسد، ومن معهم -والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- أنهم يمنون على رسوله بإيمانهم، حيث قالوا: آمنا بك من غير قتال، ولم نقاتلك، كما قاتلك غيرنا، ويمنون بأنهم تابعوا الرسول، وناصروه.

فأمر الله نبيه أن يقول لهم: ﴿قل لا تمنوا علي إسلامكم﴾ لا تمنوا علي ذلك، ولا تعدوه منة علي، فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم، ولله المنة عليكم فيه، فإن الإسلام هو المنة التي لا يطلب موليها ثوابا لمن أنعم بها عليه، ولهذا قال: ﴿بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان﴾ أي: أرشدكم إليه، وأراكم طريقه، سواء وصلتم إلى المطلوب أو لم تصلوا، ﴿إن كنتم صادقين﴾ في دعواكم الإيمان» (١).

كما قال النبي للأنصار يوم حنين: «يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي»، كلما قال شيئا، قالوا: الله ورسوله أمن» (٢).

[المطلب الثالث: المراد بالمن لغة، وفي أقوال المفسرين]

[أولا: المن لغة]

المن لغة يأتي بمعنى القطع، ومنه قوله: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [فصلت:


(١) تم تلخيصه من جامع البيان (٢٦/ ١٤٥)، وتفسير القرآن العظيم (٧/ ٣٩٠)، وفتح القدير (٥/ ٦٩).
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف انظر: الفتح (٧/ ٦٤٤)، ح (٤٣٣٠)، ومسلم في صحيحه (٢/ ٧٣٨)، ح (١٠٦١)، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه.

<<  <   >  >>