للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: التفسير الإجمالي للآية]

يقول تعالى: ﴿ولا تلمزوا أنفسكم﴾ أي: لا يطعن بعضكم على بعض، ولا يعب بعضكم بعضا، وهذا كقوله: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ [النور: ٦١]، لأن المؤمنين كالنفس الواحدة، فمتى عاب المؤمن المؤمن فكأنه عاب نفسه، فينبغي أن يكون حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره أوجب للغير أن يهمزه، فيكون كالمتسبب بذلك.

ثم قال: ﴿ولا تنابزوا بالألقاب﴾ أي: لا تتداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخص سماعها، ولا يعير بعضكم بعضا، وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة فلا تدخل في هذا.

ثم قال تعالى: ﴿بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان﴾ أي: بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون بعد ما دخلتم في الإيمان، وعقلتموه، ﴿ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾ ومن لم يتب من نبز أخيه بما نهى الله عن نبزه به من الألقاب، أو لمزه إياه، أو سخريته منه، فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم، لتعريضها لعقوبة الله وعذابه، لأن الناس قسمان لا ثالث لهما، إما ظالم لنفسه غير تائب، وإما تائب مفلح (١).

وفي قوله: ﴿ولا تلمزوا﴾ قراءتان:

قرأ يعقوب: (ولا تلمُزوا) بضم الميم، وقرأ الباقون بكسر الميم (٢).


(١) تم استخلاصه من جامع البيان للطبري (٢٦/ ١٣١ - ١٣٤)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٣٢٧)، وتفسير القرآن لابن كثير (٧/ ٣٧٦)، وتيسير الكريم الرحمن للسعدي (٥/ ٧٢، ٧٣).
(٢) انظر: المبسوط في القراءات العشر ص (٤١٣)، والمغني في القراءات (٢/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>