للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: النهي عن السخرية]

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ﴾ [سورة الحجرات: ١١].

[المطلب الأول: التفسير الإجمالي للآية]

يقول ابن جرير: «يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين، ﴿ولا نساء من نساء﴾ يقول: ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات، عسى المهزوء منهن أن يكن خيرا من الهازئات» (١).

ويقول ابن كثير: «ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله أنه قال:

«الكبر بطر الحق وغَمْص الناس» (٢). وفي رواية: «وغمط الناس» (٣). والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقَر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقِر له، ولهذا قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ


(١) انظر: جامع البيان للطبري (٢٦/ ١٣٠، ١٣١).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٤/ ٥٩)، ح (٤٠٩٢)، كتاب اللباس، باب ما جاء في الكبر، والترمذي في سننه (٤/ ٣٦١)، ح (١٩٩٩)، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الكبر، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢/ ٧٧١)، ح (٣٤٤٨) من حديث ابن مسعود.
(٣) رواه مسلم في صحيحه (١/ ٩٣)، ح (٩١)، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، من حديث ابن مسعود.

<<  <   >  >>