للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله]

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١].

[المطلب الأول: التفسير الإجمالي للآية]

ينادي الله عباده بوصف الإيمان، ذلكم الوصف العظيم الذي إذا حققه المسلم في نفسه حمله على فعل الأوامر واجتناب النواهي، فينهاهم عن التقدم بين يدي الله ورسوله في أي حال من الأحوال.

قال ابن جرير الطبري: «يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يا أيها الذين أقروا بوحدانية الله، وبنبوة محمد ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، يقول: لا تعجلوا بقضاء أمر في حروبكم أو دينكم قبل أن يقضي الله لكم فيه ورسوله، فتقضوا بخلاف أمر الله ورسوله … ».

وفي قوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا﴾ قراءتان.

قرأ يعقوب (١) ﴿لا تَقدَّموا﴾ بفتح التاء والدال، وذلك على حذف إحدى التاءين، لأن الأصل (لا تتقدموا) مضارع "تقدموا".

وقرأ الباقون ﴿لَا تُقَدِّمُوا﴾ بضم التاء وكسر الدال، مضارع "قدَّم" مضعف العين. قال الفراء (٢): كلاهما صواب، يقال: قدمت وتقدمت، وقال


(١) هو يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله مولى الحضرمين، الإمام قارئ البصرة في عصره، قرأ القرآن على أبي المنذر سلام بن سليم، وأبي الأشهب، ومهران بن ميمون، وغيرهم، وسمع من حمزة الزيات، وشعبة، وقرأ عليه روح، ورويس، وغيرهما، مات سنة خمس ومائتين. انظر: معرفة القراء (١/ ١٥٧).
(٢) هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، الأسدي بالولاء، أبو زكريا، المعروف بالفراء، إمام الكوفيين، وأعلمهم بالنحو، واللغة، وفنون الأدب، ولد بالكوفة سنة (١٤٤ هـ)، له معاني القرآن، ومشكل اللغة، وغيرها، مات في طريق مكة سنة (٢٠٧ هـ). انظر: الأعلام (٨/ ١٤٥).

<<  <   >  >>