للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس: النهي عن التجسس (١)

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: ١٢].

[المطلب الأول: التفسير الإجمالي للآية]

قال الطبري: «﴿ولا تجسسوا﴾ ولا يتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقتنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فأحمدوا أو ذموا، لا على ما تعلمونه من سرائره» (٢).

وقال السعدي: «﴿ولا تجسسوا﴾ أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تبغوها، ودعوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن زلاته التي إذا فتشت ظهر منها ما لا ينبغي» (٣).

[المطلب الثاني: التجسس لغة، وفي كلام المفسرين]

[أولا: التجسس في لغة العرب]

التجسس لغة: مأخوذ من الجس، والجس: يطلق على الجس باليد، ويطلق ويراد به جس الأخبار، وهو المراد هنا، يقال: جس الخبر، وتجسسه: بحث عنه وفحص، ومنه التجسس، والجاسوس: وهو الذي يتجسس الأخبار ثم يأتي بها.

والتجسس، والتحسس بمعنى واحد، وهو التبحث، قاله أبو عبيد (٤)، ونحوه الأخفش.


(١) لم أتعرض للنهي عن الظن هنا، لأن ذلك جاء بصيغة الأمر: ﴿اجتنبوا كثيرا من الظن﴾ ومحله بحثنا الآخر "المأمورات في سورة الحجرات"، يسر الله إتمامه.
(٢) جامع البيان (٢٦/ ١٣٥).
(٣) تيسير الكريم الرحمن (٥/ ٧٣).
(٤) انظر: مجاز القرآن له (٢/ ٢٢٠).

<<  <   >  >>