للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «كنا نقول على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أبو بكر، ثم عمر، "ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليَّ من حمر النعم: تزوج فاطمة، وولدت له، وغلَّق الأبواب غير بابه" (١)، ودفع الراية إليه يوم خيبر (٢)،

وهذه مما خص به علي - رضي الله عنه -، أما ولايته بعد عثمان رضي الله عنهما فلم يدَّعِها أحد من أهل الشورى غيره في وقته، وقد أجمعوا على فضله وعدله، وأحقيته بالخلافة، وقد حان وقتها له - رضي الله عنه -، وأن امتناعه عن دعوى الأمر لنفسه في وقت الخلفاء قبله كان حقا، لعلمه أن ذلك ليس وقت قيامه، لم يحتجّ علي - رضي الله عنه - على أحقيته بنصٍ من الكتاب ولا من السنة، لا بحديث الغدير ولا بغيره، وإنما ظن أنه الأحق لقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبا وصهرا، ولو علم إشارة واحدة في كتاب الله - عز وجل - أو في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا تحتمل التأويل على أحقيته بالخلافة لبادر إلى ذكرها والاستشهاد بها، ولكان أبو بكر وعمر وبقية الصحابة من أطوع الناس لعلي - رضي الله عنهم - تنفيذا لما أورد، وقد كان عليٌّ الخليفة الراشد - رضي الله عنه - ذكيا حافظا، فقد استدل على خطأ الزبير، قال علي للزبير رضي الله عنهما: تذكر يوم مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني غَنْم فنظر إليَّ فضحك وضحكت إليه، فقلتَ له: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس به زهو، لتقاتلنه وأنت ظالم له» قال الزبير: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبداً، فانصرف عليٌّ - رضي الله عنه - إلى أصحابه فقال: أما الزبير فقد أعطى الله عهداً أن لا يقاتلكم، ورجع الزبير - رضي الله عنه - إلى عائشة رضي الله عنها فقال لها: "ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا"،


(١) المراد الأبواب التي تفتح على السجد، ومنها بيت علي - رضي الله عنه -، وكذلك بين أبي بكر - رضي الله عنه - لم يغلق.
(٢) البداية والنهاية ٧/ ٣٤١، والسنة لابن أبي عاصم حديث (٥٦٠١) ..

<<  <   >  >>