للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبكى هارون، فقال الفضل بن يحيى: بعث إليك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته! فقال هارون: دعه؛ فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا عمى (١).

توفى بقرية يقال لها سناباذ من طوس من أرض خراسان يوم السبت لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ابن أربع وأربعين سنة وأربعة أشهر، فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وشهرين وستة عشر يوما (٢).

الملك السادس من ملوك بني العباس: محمد بن هارون: سادس خلفاء الدولة العباسية، وهو محمد بن هارون الرشيد ويكنى أبا موسى، وأمه زبيدة أم جعفر ابنة جعفر بن أبى جعفر المنصور.

بويع له يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وبايع له المأمون بخراسان، وكتب إليه بالطاعة والخضوع وامتثال أمره ونهيه، انقيادا إلى ما تقدم به العهد.

وكان حسن الوجه، تام القامة، أبيض مسمنا، صغير العينين، بعيد ما بين المنكبين، شديدا في بدنه، باسطا يده بالعطاء، وفي الخلافة لم يُحمد، فقيل: كان قبيح السيرة، ضعيف الرأي، سفاكا للدماء، يركب هواه ويهمل أمره، ويتكل في جليلات الخطوب على غيره، ويثق بمن لا ينصحه، وعمل الأمين في خلع المأمون والاحتيال لذلك، وكتب إليه يأمره بتسليم بعض أعماله إلى من يرسم له، فامتنع من ذلك، فكتب إليه يأمره بالمصير إليه لمعاونته على تدبير ملكه، فاعتل بأمور


(١) المجالسة وجواهر العلم ٤/ ٤٢٧.
(٢) التنبيه والإشراف ١/ ٢٩٩، ٣٠٠، ٣٠١، وتأريخ الطبري ٨/ ٢٣٠، نقض الدارمي أبي سعيد ١/ ٤٩، صفة جزيرة العرب ١/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>