للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت وفاته أول ليلة من ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وكانت خلافته تسع سنين وستة أشهر وأحدا وعشرين يوما (١).

الملك الرابع والثلاثون من ملوك بني العباس: الناصر: الرابع والثلاثون من خلفاء الدولة العباسية، وهو أبو العباس أحمد بن المستضيء حسن بن المستنجد يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بن المقتدي.

لما توفي أبوه في سلخ شوال من سنة خمس وسبعين وخمسمائة، بايعه الأمراء والوزراء والكبراء والخاصة والعامة، وله من العمر ثلاث وعشرون سنة، وكان قد خطب له على المنابر في حياة أبيه قبل موته بيسير، فقيل إنه إنما عهد له قبل موته بيوم، وقيل بأسبوع، ولكن قدر الله أنه لم يختلف عليه اثنان بعد وفاة أبيه، ولقب بالناصر، ولم يل الخلافة من بني العباس قبله أطول مدة منه، فإنه مكث خليفة إلى سنة وفاته في ثلاث وعشرين وستمائة; وكان ذكيا شجاعا، فيه شهامة وإقدام، وله عقل ودهاء، وكان مستقلا بالأمور بالعراق، متمكنا من الخلافة، يتولى الأمور بنفسه، وكان يشقّ الدّروب والأسواق أكثر الليل والناس يتهيبون لقاءه، وكان أبيض، تركيّ الوجه، أقنى الأنف، خفيف العارضين، رقيق المحاسن، وكان أطول بني العبّاس خلافة، أصابه الفالج آخر أيامه، وتوفي في سلخ رمضان سنة ثلاث وعشرين وستمائة وله سبعون سنة إلّا أشهرا، وقد دانت السلاطين للناصر، ودخل تحت طاعته من كان من المخالفين، وذلّت له العتاة والطّغاة، وانقهرت لسيفه الجبابرة، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن تقدّمه من السلاطين والخلفاء والملوك، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين، وكان أسد


(١) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ١٨/ ١٩٠، ١٩١، ١٩٢، وأخبار الدولة العباسية ١/ ٤١٤، والبداية والنهاية ١٢/ ٢٦٢، ومضمار الحقائق وسر الخلائق ١/ ٤.

<<  <   >  >>