للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنى المنصور بغداد وأسماها مدينة السلام، لأن دجلة كان يقال لها وادي السلام، ووسع المسجد الحرام من جانبه الشامي ومن جانبه الغربي، وكان ابتداء عمل ذلك في المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة، والفراغ منه في ذي الحجة سنة أربعين ومائة. وكان الذي زاد فيه المنصور الضعف مما كان عليه قبل (١).

كثر اعتماده على غير العرب كالبرامة.

مات المنصور ببئر ميمون (٢)، ولم يحضره عند وفاته إلا خدمه والربيع مولاه.

فكتم الربيع موته، وألبسه وسنده، وجعل على وجهه كلّة خفيفة يرى شخصه منها، ولا يفهم أمره وأدنى أهله منه، ثم قرب منه الربيع كأنه يخاطبه، ثم رجع إليهم وأمرهم عنه بالبيعة للمهدي بن المنصور بن محمد الإمام، ولابن عمه عيسى بن موسى بن محمد الإمام بعده، فبايعوا، ثم أخرجهم.

وبعد ذلك خرج إليهم باكيا مشقوق الجيب لاطما رأسه، ثم وجه الى المهدي بخبر وفاة المنصور وبالبيعة له ولابن عمه عيسى بن موسى بعده، فأبى عيسى بن موسى من البيعة للمهدي وامتنع بالكوفة وأراد أن يتحصن بها.


(١) تأريخ الإسلام ت تدمري ٩/ ٤٥، ٢٦٩، ١١/ ٣٢١، ٣٣٢، وتأريخ ابن خلدون ٧/ ٦٨٣، البداية والنهاية ط إحياء التراث ١٠/ ١٠٨، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ١/ ٢٩٧.
(٢) كانت بأعلى مكة فيها توفي العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي، عبدالله بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مقنع بن حضرموت حليف بني أمية، احتفرها أخوه في الجاهلية (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ١/ ٧٦).

<<  <   >  >>