للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورضي الله عن آل بيت سيدنا محمد وأصحابه الأبرار، ولعن الله أعداءهم الزنادقة الفجار.

أما بعد: فقد تاقت النفس إلى مطالعة سير الرعيل الأول من الخلفاء والملوك في الإسلام، والتعرف باختصار على بعض من سيرهم، وما ذكر من محامد أو مثالب لتكون عظة وعبرة لمن طالع ما دونت، ومن المعلوم أن فجر الإسلام طلع بمبعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد بلوغه السن الذي بُعث فيه - صلى الله عليه وسلم -؛ وهو أربعون سنة؛ سِنُّ اكتمال الأشد وقوة العقل، وهذه سُنة في الأنبياء قال تعالى في يوسف - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (١)، وقال تعالى في موسى - عليه السلام -: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (٢)، وكذلك نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - روى ذلك الأئمة الأثبات عن أنس - رضي الله عنه - قال: «بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء» (٣)، هذا على قول أن عمره - صلى الله عليه وسلم - ستون سنة، فأسفر صبح الإسلام في مكة بنزول الوحي على رسول الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (٤)،

وأشرق فجر الإسلام بهجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى مهاجره الذي اختاره الله له؛ وهو المعروف في الجاهلية "بيثرب" وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيبة؛ وهي المدينة المنورة اليوم ولها أسماء كثيرة، تنمي عن حب المؤمنين لها ومكانتها العظيمة عندهم، جعلنا الله من محبيها، وممن يحسن الجوار فيها، وكانت الهجرة بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة، فيكون عمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - عند هجرته ثلاثا


(١) الآية (٢٢) من سورة يوسف.
(٢) الآية (١٠) من سورة القصص.
(٣) البخاري حديث (٣٥٤٨) ومسلم حديث (٢٣٤٧).
(٤) الآية (١٠) من سورة القصص ..

<<  <   >  >>