وأمه أم ولد أرمنية، تسمى: أرجوان، وتدعى قرة العين، أدركت خلافته وخلافة ابنه وابن ابنه، المستظهر، والمسترشد، وكان الذخيرة قد بقى من أولاد القائم ولم يبق له ذكر سواه.
بويع بالخلافة يوم الجمعة ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وعمره عشرون سنة.
وكان سبب بيعته أن الناس رأوا انتقاض الدولة وانقضام الأمر لعدم وِلْدٍ للبيت القادري، وأن من سواهم من الأسرة مخالط للعوام في البلد، وجارٍ مجاري السوقة، ولذلك تنفر قلوب العوام عن المتولي، فحفظ الله هذا البيت بأن كان محمد بن القائم الملقب ذخيرة الدين توفي في حياة أبيه القائم، وقد ألم بجاريته أرجوان فتشوقت النفوس إلى ما يكون من ذلك، فجاءت بالمقتدي بعد موت الذخيرة بخمسة أشهر وكسر، فوقعت البشائر ولم يزل جده ضنينا به، حذرا عليه، فبلغ والقائم حي، فأشهد القائم على نفسه بولاية العهد، فظهرت ألطاف الله سبحانه في أمر المقتدي من حيث ولادته وأنها كانت سببا لحفظ ذلك البيت من جهة حراسته في الفتنة، ومن جهة بلوغه مرتبة الخلافة في حياة جده، ونشأ في حجر جده القائم بأمر الله يربيه بما يليق بأمثاله، ويدربه على أحسن السجايا، وكان في غاية الجمال خلقا وخلقا.
مات المقتدي فجأة في ليلة السبت خامس عشر المحرّم، سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وكان عمره ثمان وثلاثين سنة وثمانية أشهر ويومين، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر (١).
(١) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ١٦/ ١٦٤، ١٦٥، وسمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي ٣/ ٥٠٠، والبداية والنهاية ط إحياء التراث ١٢/ ١٣٥، والبداية والنهاية ١٢/ ١٣٥، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ١٩١، والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ٥/ ١٤٠، وأخبار الدولة العباسية ١/ ٤١٣.