للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان سفيان يقول: إنه سمع من سبعين من التابعين، وهو آخر من روى عن الزُّهْري من الثقات، مات في رجب سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، فبدأ البُخَاريّ [به] (١).

قوله: (ثَنا يَحيى بن سعيد الأنصاري) اسم جده: قيس بن عمرو، وهو من صغار التابعين، وشيخه مُحَمَّد بن إبراهيم التَّيْمي من آل الصديق، وهو تابعي وسط، وشيخه علقمة بن وقاص الليثي تابعي كبير.

ففي الإسناد عَلى هذا ثلاثة من التابعين، روى بعضهم عن بعض، وَعَلى رواية أبي ذر يكون اجتمع في الإسناد أكثر الصيغ، وهي: التحديث والإخبار والسماع والعنعنة.

قوله: (سمعت عمر بن الخطاب عَلى المنبر يقول).

قَالَ مُحَمَّد بن إسماعيل التَّيْمي: لما كَانَ الكتاب معقودًا عَلى أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم -، طلب المصنف تصديره بأول شأن الرسالة، وهو الوحي، ولم ير أن يقدم عليه شيئًا، لا خطبة ولا غيرها، بل أورد حديث الأعمال بالنيات بدلًا من الخطبة.

قُلْتُ: ولهذه النُّكْتَة اختار سياق هذه الطريق؛ لأنها تضمنت أن عمر خطب بهذا الحديث عَلى المنبر، فلما صَلُحَ أن يدخل في خطبة الناس (٢) كَانَ صالحًا أن يكون في خطبة الدفاتر، فكأنه قالَ: هذا كتاب قصدت به جمع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قَالَ: "إنما الأعمال بالنيات"، فإن كُنْتُ قصدتُ به وجه الله فَسَيُجزيني عليه ويُنْتَفع به، وإن كُنْتُ قصدتُ به غَرضًا من أغراض الدُّنْيَا فسيجازيني بنيتي؛ ولهذه النكتة حذف الجملة الدالة عَلى التزكية المحضة، وهي قوله: "فمن كانت هجرته إلَى الله ورسوله فهجرته إلَى الله ورسوله". وبقي الجملة المفردة، وهي قوله: "فهجرته إلَى ما هاجر إليه"، نبه عَلى ذَلِكَ بعض حفاظ الأندلس، وهو دقيق، وقد بسطته في الشرح الكبير (٣).


(١) زيادة ليست بالأصل.
(٢) في الحاشية نسخة أخرى: "المنابر".
(٣) كتب في الحاشية: قف عَلى كلام الحافظ في شرحه الكبير في هذا المحل، فإنه أبدع فيه. راجع: "فتح الباري" (١/ ٢٢ - ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>