للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن محاسن الأجوبة في الجمع بين حديث الباب وقصة الخَطيب: أن تثنية الضمير هنا للإيماء إلَى أن المُعتبر هو المجموع المركب من المَحَبَّتين لا كل واحدة منهما، فإنَّها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى، فمن يدعي حب الله مثلًا ولا يحب رسوله لا ينفعه ذَلكَ، ويُشير إليه قوله تعالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]. فأوقع متابعته مكتنفة بين قطري محبة العباد لله ومحبة الله للعباد.

وأمَّا أمر الخَطيب بالإفراد؛ فلأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية؛ إذ العطف في تقدير التكرير، والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم، يُشير إليه قوله تعالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]. فأعاد {وَأَطِيعُوا} في الرسول ولم يعده في أولي الأمر؛ لأنهم لا استقلال لهم في الطاعة كاستقلال الرسول. انتهى ملخصًا من كلام البيضاوي والطيبي. وهنا أجوبة أخرى لم أذكرها؛ لأنها [لا] (١) ترتضى، والله أعلم.

قوله: (وأن يُحب المرء) قَالَ يحيى بن مُعاذ: حقيقة الحب في الله ألَّا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء.

قوله: (وأن يكره أن يعود في الكفر) زاد أبو نُعيم في "المستخرج" من طريق الحسن بن سُفْيَان، عن مُحَمَّد [بن] (٢) المُثَنى شيخ المصنف: "بَعد إذ أنقذه الله"، وكذا هو في طريق أخرى للمصنف (٣)، والإنقاذ أعم من أن يكون بالعصمة منه ابتداء بأن يولد عَلى الإِسلام ويستمر، أو بالإخراج من ظلمة الكفر إلَى نور الإيمان, كما وقع لكثير من الصَّحَابَة، وَعَلى الأول فيحتمل قوله: "يعود" عَلى معنى الصَّيْرورة بخلاف الثاني فإن العود فيه عَلى ظاهره.

فإن قيل: فلِمَ عَدَّى "العود" بـ"في" ولَم يعده بـ"إِلَى"؟


(١) ساقطة من الأصل، وزدناها لينضبط بِها الكلام.
(٢) ساقطة من الأصل، وزدناها من "الفتح".
(٣) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب الإيمان, باب: من كره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النَّار) برقم (٢١)، وكذلك في (كتاب الأدب، باب: الحب في الله) برقم (٦٠٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>