للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجواب: أنَّه لا يلزم من كون الحديث المذكور عند ابن عمر أن يكون استحضره في تلك الحالة، ولو كَانَ مستحضرا له فقد يحتمل ألَّا يكون حضر المناظرة المذكورة، ولا يمتنع أن يكون ذكره لهما بعد، ولم يستدل أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط، بل أخذه أَيضًا من قوله -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسلام- في الحديث الذى رَوَاهُ: "إلَّا بحق الإِسلام"، قَالَ أبو بكر: والزكاة حق الإِسلام.

ولم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور، بل رواه أبو هريرة أَيضًا بزيادة الصلاة والزكاة فيه كما سيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالَى- في كتاب الزكاة (١).

وفِي القصة دليل عَلى أن السنة قد تخفى عَلى بعض أكابر الصَّحَابَة ويطلع عليها آحادهم، ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سُنَّة تخالفها , ولا يقال: كيف خَفِي ذا عَلى فلان، والله الموفق.

قوله: (أُمِرْتُ) أي أمرني الله؛ لأنَّه لا آمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا الله، وقياسه في الصحابي إذا قَالَ: "أمرت"، فالمعنى: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من حيث إنهم مجتهدون، وإذا قاله التابعي احتمل، والحاصل: أن [مَن] (٢) اشتهر بطاعة رئيس إذا قَالَ ذَلِكَ فُهم منه أن الآمر له ذلِكَ الرئيس.

قوله: (أنْ أقاتِل) أي: بأن أقاتل، وحذف الجار من "أن" كثير.

قوله: (حَتَّى يشهدوا) جعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر، فمقتضاه: أن من شهد [٦٦/ ب] وأقام وآتى عصم دمه ولو جحد باقي الأحكام.

والجواب: بأن الشهادة بالرسالة يتضمن التصديق بما جاء به؛ مع أن نص الحديث وهو قوله: "إلَّا بحق الإِسلام" يدخل فيه جَميع ذَلِكَ.

فإن قيل: فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ به ونص عَلى الصلاة والزكاة؟


= حتَّى يقولوا: لا إله إلَّا الله محمَّد رسول الله) برقم (٣٢).
(١) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة) برقم (١٣٩٩، ١٤٠٠).
(٢) سقطت من الأصل، وأثبتناها من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>