للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالجواب: أن ذَلِكَ لعظمهما والاهتمام بأمرهما؛ لأنهما أُمَّا العبادات البدنية والمالية.

قوله: (ويقيموا الصلاة) أي: يداوموا عَلى الإتيان بِها بشروطها، من قامت السوق: إذا نفقت، وقامت الحرب: إذا اشتد القتال، أو المراد بالقيام: الأداء تعبيرًا عن الكل بالجزء؛ إذ القيام بعض أركانها، والمراد بالصلاة: المفروض منها لا جنسها، فلا تدخل سجدة التلاوة مثلًا وإن صدق اسم الصلاة عليها.

وَقَالَ الشيخ محيي الدين: في هذا الحديث أن من ترك الصلاة عَمْدًا يُقتل، ثم ذكر اختلاف المذاهب في ذلِكَ.

* وسَأَلَ (١) الكرمانيُّ هنا عن حكم تارك الزكاة؟

وأجاب: بأن حكمهما واحد لاشتراكهما في الغاية؛ وكأنه أراد في المُقَاتلة، أما في القتل فلا، والفرق: أن الممتنع من إيتاء الزكاة يُمكن أن تؤخذ منه قهرًا بخلاف الصلاة، فإن انتهى إلى نصب القتال ليمنع الزكاة قُوتل، وبهذه الصورة قاتل الصديق مانعي الزكاة, ولم يُنقل أنَّه قتل أحدًا منهم صبرًا، وَعَلى هذا ففي الاستدلال بهذا الحديث عَلى قتل تارك الصلاة نظر؛ للفرق بين صيغة أُقَاتل وأَقْتُل، والله أعلم.

وقد أطْنَبَ ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" في الإنكار عَلى من استدل بهذا الحديث عَلى ذَلِكَ، وقالَ: لا يلزم من إباحة المُقَاتلة إباحة القتل؛ لأن المقاتلة مُفَاعلة تستلزم وقوع القتال من الجانبين، ولا كذلك القتل.

قوله: (فإذا فعلوا ذَلِكَ) فيه التعبير بالفعل عما بعضه قول، إما عَلى سبيل التغليب، وإما عَلى إرادة المعنى الأعم؛ إذ القول فعل اللسان.

قوله: (عصموا) أي: منعوا، والعصمة: مأخوذة من العصام، وهو الخيط الَّذِي تُشد به فم القربة ليمنع سيلان الماء.

قوله: (وحسابهم عَلى الله) أي: في أمر سرائرهم، ولفظة "عَلى" مشعرة بالإيجاب، وظاهرها غير مراد، فإما أن تكون بمعنى اللام، أو عَلى سبيل التشبيه؛ أي: هو كالواجب عَلى الله في تحقق [٦٧/أ] الوقوع.


(١) في "الفتح": "وسئل".

<<  <  ج: ص:  >  >>