للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إعلامهم بقواعد الإيمان وفروض الأعيان، ثم أعلمهم بما يلزمهم إخراجه إذا وقع لهم جِهَاد؛ لأنهم كانوا بصدد مُحاربة كفار مُضَر، ولَم يقصد إلَى ذكرها بعينها؛ لأنها [مسببة] (١) عن الجهاد، ولَم يكن الجهادُ إذ ذاك فَرْضَ عينٍ، قَالَ: وكذلك لَم يذكر الحج لأنه لَم يكن فُرض.

وَقَالَ غيره: قوله: "وأن تعطوا" معطوف عَلى قوله: "بأربع"، أي: آمركم بأربع وبأن تعطوا، ويدل عليه العدول عن سياق الأربع والإتيان بأن والفعل مع توجه الخطاب إليهم.

قَالَ ابن التين: لا تمتنع الزيادة إذا حصل الوفاء بوعد الأربع.

قُلْت: ويدل عَلى ذلِكَ لفظ رواية مُسْلِم من حديث أبي سعيد الخدري في هذه القصة: "آمركم بأربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وأعطوا الخمس من الغنائم" (٢).

وَقَالَ القاضي أبو بكر ابن العربي: يحتمل أن يقال: إنه عد الصلاة والزكاة واحدة؛ لأنها قرينتها في كتاب الله وتكون الرابعة أداء الخمس، أو أنه لَم [١٠٩/أ] يعد أداء الخمس؛ لأنه داخل في عموم إيتاء الزكاة، والجامع بينهما: إخراج مالٍ معين في حال دون حال.

وَقَالَ البيضاوي: الظاهر أن الأمور الخمسة المذكورة هنا تفسير للإيمان، وهو أحد الأربعة الموعود بذكرها، والثلاثة الأخر حذفها الراوي اختصارًا أو نسيانًا.

كذا قَالَ، وما ذَكَر أنه الظاهر لعله بحسب ما ظهر له، وإلا فالظاهر من السياق أن الشهادة أحد الأربع لقوله: "وعقد واحدة"، وكان القاضي أراد أن يرفع الإشكال من كون الإيمان واحدًا والموعود بذكره أربعًا.

وقد أجيب عن ذلِكَ بأنه باعتبار أجزائه المفصلة أربع، وهو في ذاته واحد، والمعنى: أنه اسم جامع للخصال الأربع الَّتِي ذَكَر أنه يأمرهم بها، ثم فسرها، فهو واحد


(١) مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".
(٢) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الإيمان، باب: الأمر بالإيمان بالله تعالَى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. . .) برقم (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>