فليصبر على مخالطة الكلاب وقال منصور بن عمار الدنيا أولها بكاء وأوسطها عناء وآخرها فناء وقال لقمان لابنه يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً وقال الفضيل بن عياض لو عرضت علي الدنيا بحذافيرها حلالاً أحاسب عليها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه وقال جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا وقال يوسف بن أسباط إن الدنيا لم تخلق لينظر إليها إنما خلقت لينظر بها إلى الآخرة وقال إبراهيم بن أدهم مساكين الأغنياء طلبوا الراحة فعدموها ووجدها الزهاد فلزموها ومن المنظوم في ذلك
تباً لطالب دنيا لا بقاء لها ... كأنما هي في تصريفها حلم
صفاؤها كدر سرّاؤها ضرر ... أمانها غدر أنوارها ظلم
شبابها هرم راحاتها سقم ... لذاتها ندم وجدانها عدم
لا يستفيق من الانكاد صاحبها ... لو كان ما منحت ما ضمنت ارم
فخلّ عنها ولا تركن لزهرتها ... فإنها نعم في طيها نقم
واعمل لدار نعيم لا نفاد له ... ولا يخاف به موت ولا هرم
وقال بعض الزهاد وأحسن
ومن يحمد الدنيا لشيء يسرّه ... فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت على المرء حسرة ... وإن أقبلت كانت كثيراً همومها