للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الأعرابي للعباس بن الوليد تنح عنه لئلا تسقط عليك من فيه كلمة فتشدخك ومن أجل هذا النادر استثقل التقعير أهل الرشاقة في الألفاظ والحلاوة وقادوا طباعهم إلى اللطافة والطلاوة فقالوا متى كان اللفظ كريماً في نفسه متخيراً في جنسه وكان سليماً من التقعير والتعقيد حبب إلى النفوس واتصل بالأذهان والتحم بالعقول وهشت له الأسماع وارتاحت إليه القلوب وخف على ألسنة الرواة حمله وشاع في الآفاق ذكره ومدحوا التارك للتقعير فقالوا فلان لم يرض بالتكليف مذهباً ولا اتخذ التصنع مركباً وقالوا فلان له ألفاظ لا يشوبها كدر العي ولا يطمس رونقها التكلف ولا يمحو طلاوتها التفيهق أعذب من الماء وأبعد من السماء

[الفصل الثالث من الباب الخامس]

في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ازداد الرجل حذقاً في صنعة إلا كان ذلك نقصاً من رزقه وقالوا المتقدم في الحذق متأخر في الرزق وقالوا حرفة الأدب أعدى لصاحبها من الجرب وقالوا الرزق عند ذوي الأدب أروغ من ثعلب ومن أمثال عوام بغداد جهل يعولني خير من علم أعوله وقال الخليل بن أحمد إذا كثر الأدب قل خيره وإذا كثر خيره كثر ضيره وقال أبو بكر الخوارزمي في هذا المعنى

إن سرك حرمان ... به تصبح مقليا

فكن ذا أدب جزل ... وكن مع ذاك نحويا

<<  <   >  >>